التحول الصحي- إنجازات المملكة وريادتها في الرعاية التخصصية والابتكار

المؤلف: نجيب يماني11.12.2025
التحول الصحي- إنجازات المملكة وريادتها في الرعاية التخصصية والابتكار

يمثل برنامج التحول الصحي في المملكة العربية السعودية، الذي انطلق في عام 2021م، إحدى الركائز الأساسية لرؤية المملكة 2030 الطموحة. يهدف هذا البرنامج المحوري إلى إحداث نقلة نوعية في منظومة الرعاية الصحية، من خلال تطويرها وتحديثها باستمرار، وإعادة هيكلة القطاع الصحي ليصبح نظاماً صحياً شاملاً، فعالاً، ومتكاملاً يلبي احتياجات جميع المواطنين والمقيمين. يرتكز البرنامج على صحة الفرد والمجتمع، ويعتمد على مبادئ أساسية مثل الشفافية والاستدامة المالية، وذلك من خلال تعزيز الصحة العامة، وتوفير العلاج التخصصي المتقدم، وتطبيق نموذج جديد للرعاية الصحية يركز على الوقاية من الأمراض. كما يسعى البرنامج إلى تحسين الوصول إلى الخدمات الصحية من خلال توفير تغطية صحية مثالية، وتوزيع جغرافي شامل وعادل للخدمات الصحية في جميع أنحاء المملكة. وقد حقق البرنامج نجاحات ملموسة في تحسين جودة وكفاءة الخدمات الصحية والتخصصية، وتسهيل الحصول عليها، وذلك من خلال الاهتمام برقمنة القطاع الصحي وإطلاق مجموعة من التطبيقات الذكية مثل (صحتي، موعد، التخصصي) التي تغطي جميع مناطق المملكة.

لقد كان ملتقى الصحة العالمي 2024م، الذي نظمته وزارة الصحة بالتعاون مع شريكها الاستراتيجي، مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، بمثابة شهادة قوية على المكانة المرموقة التي بلغتها الخدمات الصحية والتخصصية في المملكة.

وقد أثارت الابتكارات والحلول الصحية المتطورة التي تم عرضها في الملتقى الصحي إعجاب الزائرين بشكل خاص، حيث تعزز هذه الابتكارات مستوى نتائج الرعاية الصحية، وتحسن تجربة المريض، وترسخ مكانة المملكة كمركز رائد للمعرفة من خلال برامج التعليم والبحث العلمي.

برز مركز التميز لزراعة الأعضاء في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث كأحد أبرز الأقسام المشاركة في الملتقى، حيث قدم المركز عرضاً شاملاً لإنجازاته المتميزة في مجال زراعة الأعضاء الصلبة مثل الكبد، الكلى، والرئتين. وخلال العام الماضي، أجرى المركز 1092 عملية زراعة أعضاء، من بينها أول عملية زراعة كبد كاملة من متبرع حي باستخدام الروبوت في مرحلتي الاستئصال والزراعة على مستوى العالم، الأمر الذي يمثل إنجازاً طبياً عالمياً فريداً.

كما تم إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة بالروبوت في العالم في المستشفى، وهو إنجاز آخر يعزز مكانة المملكة وريادتها في مجال الرعاية الصحية التخصصية المتقدمة. وبذلك، وصل عدد عمليات زراعة الأعضاء التي أجريت في المستشفى منذ بدء البرنامج قبل أربعة عقود إلى 9000 عملية زراعة ناجحة. وأكد الدكتور ماجد الفياض أن المستشفى يخطط للتوسع في استخدام جراحة الروبوت في العمليات الجراحية، وأنها ستكون الخيار الأول في المستقبل نظراً لدقتها وفعاليتها.

ومن بين الأحداث البارزة في الملتقى، إطلاق أول وحدة إسعاف متنقلة للسكتة الدماغية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تهدف هذه الوحدة المتنقلة إلى نقل أحدث التقنيات الطبية والخبرات السريرية المتخصصة لعلاج مرضى السكتة الدماغية إلى موقع المريض، وذلك بهدف تعزيز فرص الشفاء والبقاء على قيد الحياة، والحد من الإعاقات طويلة الأمد، واستعادة الوظائف الطبيعية للجسم باستخدام تقنيات متطورة وفرها المستشفى التخصصي بدعم من حكومة خادم الحرمين الشريفين.

وشارك في الملتقى أيضاً عيادة اللقاحات المخصصة لمرضى زراعة الأعضاء الصلبة، والتي تهدف إلى توفير حماية متكاملة للمرضى من خلال توفير لقاح مصمم خصيصاً لكل مريض بناءً على حالته المناعية ونوع العضو المزروع. كما كان علاج الخلايا التائية للمرضى الذين يعانون من الأورام المستعصية حاضراً في المشهد، وذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، بهدف تحسين الصحة الوطنية، ورفع مستوى جودة الحياة، وتوطين الصناعات الحيوية، وتعظيم الفرص الاقتصادية، وصولاً إلى تحقيق الريادة في قطاع التقنية الحيوية على مستوى العالم. ويعكس ذلك رؤية المملكة الطموحة للمستقبل، والتي تسعى إلى توفير أفضل مستويات الرعاية الصحية للمواطنين والمقيمين، وتحقيق التنمية المستدامة في جميع القطاعات.

لقد كان الملتقى حافلاً بالأنشطة والبرامج والمعروضات القيمة، التي أثارت إعجاب الزائرين، وخاصةً في مجالات علوم الجينوم وتوطين التكنولوجيا لتعزيز صحة الإنسان.

لقد كانت بصمة رؤية المملكة 2030 واضحة في جميع فعاليات الملتقى، مما يؤكد على أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافها الطموحة في قطاع الرعاية الصحية، وأنها تسعى إلى أن تصبح مركزاً رائداً في مجال العلاج والابتكار الصحي على مستوى العالم.

وقد صرح أحد الزائرين للمعرض بأن المستشفى التخصصي قد أوصلنا إلى مفهوم جديد للرعاية الصحية العالمية، كنا نظنه حكراً على الدول المتقدمة. وأشاد بالجهود المبذولة من قبل القائمين على المستشفى والملتقى. وشهد الملتقى توقيع العديد من العقود ومذكرات التفاهم، وتكريم العديد من الأطباء والعلماء المتميزين.

إن ما شهدته في الملتقى الصحي يعكس مظهراً من مظاهر جودة الحياة التي تسعى رؤية المملكة إلى تحقيقها، ويعكس انطلاق المملكة نحو آفاق أرحب في جميع مجالات الحياة.

فعلاً، نحن نتحول بفضل الرؤية، والكلّ يعمل من أجل وطن يستحق منا كل الحب والتقدير. تحية إجلال لكل من ساهم في إخراج هذا الملتقى بهذه الصورة المشرفة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة